من منا لا يذكر حمارة النور ود بشير الحمارة التي كل من شب ودب يمتطيها ليقضي حاجته لكرمها ولكرم صاحبها وعلمه انه لا يمانع ويتركها في اي مكان في القرية دون أن يقدم لها ولا ربطة قصب لتعود الى زريبتها بمفردها دون إنتظار شكر وربما هي راجعة في طريقها قابلها أحد من ذوي الحاجات فإمتطاها فتسير معه غير ممانعة ولا متذمرة ولا مفنجطة ، ويسير يومها على هذا المنوال يالها من حمارة فاقت شهرتها على جميع الحمير لانها جردت نفسها لخدمة الجميع بلا إستثناء اثرت ان تخدم فحسب ، وظلت على هذا الحال لا تئن ولا تشتكي زمناً طويلاً إلا أن أصابها الكبر والدَبر فرحمها الكبـار ولكنها لم تسلـم من أيـادي الصغـار فقد اصبحت لعبتهم المفضله ( كيف تركب الحمير : حمارة النور نموذجاً ) عبثاً حاول الناس منع الأطفال بالإرشاد تارة وبالوعيد تارة أخرى وهي كما هي عطاءً بلا حدود إلى أن إشتد بها المرض وصارت لاتقوى على الوقوف وأحست بأنها أصبحت بلانفع لملمت كل قواها وذهب بنفسها الى طرف القرية وتممدت هناك يومين بلا حراك ولا مغيث واسلمت الروح وإنتشر الخبر في القرية قرب مغيب الشمس اتى به احد المزارعين حمارة النور ماتت وذهبنا في الصباح لإلقاء النظرة الأخيرة عليها وكل منا يذكر حسناتها لكننا وجدنا أنها قد وهبت لحمها للكلاب وما بقى شي إلا الرأس والهيكل الذي وهبته لدابة الأرض .